لا تستلم، قاوم شعورك بالخزي، وتعلم الصمود.
الصمود ليس تجاهل المشاعر ولا كبتها ولا إدعاء عدم وجودها.
الصمود مهارة نكتسبها للتعامل مع المشاعر المؤلمة حين تخرج عن نطاقها الصحيح وتعوق مسيرة الحياة.
نظرية الصمود أمام الخزي (shame resilience theory)
هي نظرية تبناها عدد من الأطباء والمعالجين النفسيين، حيث تضع هذه النظرية طرق وخطوات للتصدي للشعور بالخزي أو كما يطلق علية البعض الشعور بالعار، هذا الشعور سبب أساسي في تكوين وترسيخ النظرة الدونية للنفس والتي من شأنها التسبب في العديد من الأمراض والاضطرابات النفسية والمجتمعية مثل (انعدام الثقة بالنفس، انعدام التقدير الذاتي، الإدمان، اضطرابات الشهية والأكل، البلطجة، الإحباط، الانتحار، العنف الأسري، والعديد من العيوب الإدراكية والتشوهات الفكرية).
لماذا الصمود أمام الخزي؟
الشعور بالخزي أو العار ليس مجرد شعور نشعر بة من وقت لآخر،كما أنه ليس شعورا يمكننا تجاهله؛ ذلك لأنه شعور يمكنه التأثير على الصحة العقلية للإنسان وسلامته النفسية؛ لذا توجب الصمود أمامه.
كيف تكون حبيسا للخزي؟
ينسج الخزي خيوطا كخيوط العنكبوت يجعل بها فريسته بعيدا عن المحيطين والمحبين، فلا يرى نفسه إلا ضئيلة وحيدة، ولا يحاول طلب الحب والوصال من الآخرين لأن نظرته الدونية لنفسة تحول بينه وبين ذلك، فهو يرى أنه لا يستحق المحبة والعطاء.
في نفس الوقت انعزاله عن المجتمع يجعله أكثر ضعفا واستسلاما للخزي، فيدور في حلقة مفرغة لا يستطيع الخروج منها ولا تزيده إلا عزلة وضعفا وذلة؛ وهذا ما قد يدفعه للإدمان أو الانتحار أو إلى أي من الاضطرابات السابق ذكرها.
الخزي يفترس النساء
النساء أكثر عرضة للشعور بالخزي؛ قد يكون ذلك عائدا لطبيعة فطرتهن الحساسة، وقابليتهن الزائدة للألم النفسي والعاطفي.
قد تكون أيضا النساء أكثر قابلية للخزي لما يمارس عليهن من ضغوط نفسية وعصبية من المجتمع.
تحاصر المرأه شروطا و قيودا مجتمعية حول مظهرها وصورة جسدها، فإذا خالفت المرأة هذه الصورة الموضوعة من قبل المجتمع لما ينبغي أن تكون عليه المرأة من وزن وشكل ومظهر وطريقة للملبس، تجد نفسها في مرمى السهام الجارحة والتنمر المتعمد من أفراد المجتمع، وإذا لم تتمتع المرأه بالصمود أمام الخزي في هذه اللحظة تكون فريسة للشعور بالعزلة والدونية والضعف.
الخزي من كوني أنثى
تواجهه المرأة في بعض المجتمعات معتقدات خاطئة تفرق في المعاملة بين الرجل والمرأة، ويكون نصيبها هو الأدنى في الحب والعطاء والاحترام والتقدير، ومن هنا تنشأ نظرتها الدونية لنفسها وشعورها بعدم الاستحقاق، فقط لأنها أنثى، هذا هو الذنب المقترف، وهذا هو الخزي الذي يبقى معها مدى الحياة.
هل للخزي أسباب؟
بالتأكيد، للخزي أسباب تختلف من شخص لآخر ومن بيئة لأخرى ومن مجتمع لغيره، قد يكون الخزي بسبب الشكل، اللون ، العرق، الجنس، المستوى المادي أو الاجتماعي.
المرض أيضا قد يكون سببا للخزي، وهذا ما لمسناه أخيرا في بعض المجتمعات التي تنظر لمن أصابه المرض نظرة مليئة بالتنمر والتقليل، حتى أن المريض يخفي عن الناس مرضه تحاشيا لشعور الخزي الذي يلاحقه من الناس.
العمر قد يكون سببا للخزي (سبب شائع بين النساء)، وهذا لما توارثته الأجيال من ربط خاطئ لجمال المرأة وأهميتها بعمر معين.
الدين قد يكون سببا للخزي حين تكال لهذا الدين الاتهامات ويشار إليه بمسميات تحرض على الكراهية، (وهذا ما يواجهه المسلمون في الدول الغربية).
العمل قد يكون سببا للخزي حين ينظر المجتمع لبعض الأعمال على أنها وصمة عار لأصحابها، والحقيقة أن المجتمع في حاجة لكل أشكال الأعمال وأنماطها، ولا يوجد عمل رفيع وعمل وضيع طالما أنه يوافق رضا الله والأخلاق الحميدة.
الأبوة والأمومة حين لا يدركها البعض، يلاحقة الشعور بالخزي ويعاني من نظرة المجتمع القاصرة التي تنعته بالنقص وعدم الكمال، والحقيقة أن ليس لأحد منا فضلا في كونه أب أو أم، فهي حكمة الله أن يهب لمن يشاء ذكورا ويهب لمن يشاء الإناث ويجعل من يشاء عقيما.
الصدمة في شخص ما أو حدث ما قد تورث شعورا بالخزي، حيث يربط المصدوم بين صدمتة و بين ضعفه واستسلامه وقلة حيلته أمامها، فيتسرب إلى نفسه شعورا بالذنب، ويعتقد أنه كان بإمكانه تغيير ما حدث لو كان أحسن التصرف، وتأخذه ال(لو) بعيدا عن الرضا والراحة والتسليم.
في المقال القادم إن شاء الله نتعرف على بعض إستراتيجيات الصمود أمام الخزي، فكونوا معنا…
3 thoughts on “الصمود أمام الخزي”