عنوان مغري تتلقاه العين فتهوي إليه المشاعر متعطشة، ما هذا الذي جاء إلى سمائنا الملبدة بالغيوم فأشرق في حياتنا كل شيء؟
إنه الحب يا سادة، نعم إنه الحب ولكن أي حب هذا في زمن الداء والبلاء، زمن الكورونا التي حرمتنا من رؤية وجوه أحبابنا وملامسة أيديهم، الكورونا التي منعتنا من الخروج إلى الشوارع ومعانقة القصص الجديدة والحكايات الشيقة.
ولكن دعونا من الكلام عن الكورونا فلقد صدعت رؤوسنا وما عدنا نطيق أن نسمع عنها الجديد، إلا خبر واحد، ألا وهو إنتهاء الكورونا ومغادرتها حياتنا التي بوجودها ما عادت الحياه التي عهدناها من قبل.
وتعالوا بنا نرى أن الحب في زمن هذا الداء هو الدواء الوحيد والراحة المؤنسة للوحشة المظلمة في قلوبنا، والخوف القابع في أنفسنا.
إنه الحب في زمن الكورونا
دعونا نؤصل أولًا ما هو الحب؟ ومن نستطيع أن نحب ؟ ومن يستحق هذا الحب؟
الحب هو ذاك الشعور الإنساني الذي أوجده الله في قلوبنا ليعيننا على تمضية الحياة ،تصور الدنيا بغير حب والديك لك منذ أن رأوا وجهك الجميل في هذه الحياة، تصور أن تمضي عمرك دون أن يحبك صديق ويرافقك الطريق، بل تصور أن لا يكون لك أكلة مفضلة، ولا لعبة تستهويك، ولا هواية تملأ عليك وقتك، ولا شيء تحبه من قلبك وتشتاق أن تفعله أو تراه أو تشعر به.
إذا فقدت الحب فقدت الشغف، وإذا فقد الشغف فقدت الحياة، فالحب في نظري هو وقود الحياة الذي يجعلها محتملة، ممكنة، مقضية.
إذا عرفنا ما هو الحب فمن نستطيع أن نحب ومن يستحق هذا الحب؟ هذا هو السؤال المهم الذي ترتبط بإجابته النهايات السعيده.
فالحب أثمن شيء تستطيع أن تهبه لأحد، فكن حذرًا وأحسن الاختيار. تستطيع أن تحب كل شيء وكل أحد ولكن من كل هؤلاء قليل جدًا من يستحقون، وأعظم من يستحق هذا الحب وأجل من تقدم له الحب وأصدق من يكون الحب معه هو الله.
نعم هو الله، خالق الحب و واهبه، خالق الحياة، الذي زرع الحب فينا وأراد لنا السعادة والهناء بهذا الشعور الجميل.
هل جربت أن تحب الله أن تعبده وتخافه ولكن بنفس الوقت فإنك تحبه وتحب من يحبه و تحب كل عمل يقربك إليه؟
هل جربت السير إلى الله فتقربت إليه شبرًا فتقرب هو سبحانه إليك ذراعًا، ثم تقربت إليه ذراعًا فتقرب هو إليك باعًا، ثم أتيته تمشي أتاك هو سبحانه هرولة، إنه الله إنه الواحد الأحد الفرد الصمد الذي يصمد إليه في النوازل والمحن، (أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ) صدق الله العظيم
كيف نغفل عن الحبيب الأول والواجد من العدم في هذا الزمن المليء بالمحن، إنه الله الذي بيده أن يكشف عنا الضر ويغير ما أصابنا من سوء، فقط أعلن التوبة والأوبة وأذكر ربك الغفور الرحيم الذي أنجاك قبل هذه الأزمة آلاف وآلاف المرات دون أن تسأله ذلك، فكيف إذا سألته؟ أتراه يرد سائل يسأله؟ لا والله حاشا لله فهو القائل: ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)
انظر إلى قلبك ماذا يملأه وماذا يشغله الآن، الآن في هذه اللحظة التي تقرأ فيها هذا الكلام، هل ترى في قلبك الله؟ إذًا اطمئن فلن يضيعك، أما إذا وجدت غيره فاحذر كل الحذر فإن مصيرك مجهول ونهايه قصه حبك قد أوشكت. فالكل إلى زوال إلا الله وخصوصًا في زمن البلاء والابتلاء، (يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ ، فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ).