كنّا قد وقفنا في(سرداب السعاده1)عند الملجأ السري الذي يلجأ إليه الإنسان ليجد ضالته و ترتاح سريرته ويبوح بهمه ويرتشف من السعاده التي يرجوها.
القرآن، ولما لا فهو كلام الله المنزل على عبده المرسل وهو روح من الله تنعش أرواحنا المنهكة من الدنيا، أرواحنا الزابلة في صحراء المادة القاحلة، المتعبة من كثرة الخزلان وظلم الإنسان.
وَيَا لها من سعادة حين تتحدث إلى رب العباد وتقول ربي جئتك بقلبي وبضاعتي المزجاة، عملي البسيط الذي يحفه التقصير فتقبله مني و أوفي لي الكيل وتصدق علي إنك أنت المحسن الكريم.
ثم تنصت أذنك لما يقرأه لسانك فيعي قلبك نور من أنوار الله، ويمن الله عليك بفهم آيه من آياته فتحس أنك تسمعها لأول مرة وتقراها لأول مرة رغم أنك قد مررت عليها مرات ومرات.
وحدك في السرداب
أوقات تشعر أنك وحيد رغم وجود الناس من حولك، أهلك، أصحاب لك، أو شريك حياتك و أولادك ، رغم وجود كل هؤلاء تشعر بالوحدة فكلهم بعيدين عن ما يدور بخلدك وتحس به نفسك، قد لا يفهمونك وغالبا ارواحهم في هذا الوقت تحديدا في منطقة ما بعيدة عن التي تهيم بها روحك الآن فإلتمس لهم العذر وإلجأ إلى من يعرف من خلق و هو السميع العليم، إلجأ إلى من هو عليم بذات الصدور.
عليم بذات الصدور
و أنظر إلى جمال هذه الكلمات البسيطة، عليم بذات الصدور، الله العظيم الذي خلق السموات و الأرض و خلق الكواكب و الأجرام و خلق هذا الكون السحيق في بعده، العميق في تكوينه، المعقد في تفصيله، عليم بذات الصدور، لم ينساك ولَم ينسى قلبك الضعيف ولَم ينشغل عن إحساسك المرهف، الله العظيم رغم عظمته وقدرته ودود لعبده الأواب، قريب لعبده التائب، مجيب لعبده السائل فيال رحمته التي تعجز عن وصفها كلماتي.
تدريب :كم عدد المرات التي ذكرت فيهاكلمه صدور ومشتقاتها في القرآن ؟
يمكنني أن أجيب لك فتعرف المعلومة و تنساها و لكن أترك لك المهمة لتنجزها بنفسك، فقط أكتب هذا السؤال علي محرك جوجل ستعرف كم مره ذكرت و ما هي المواضع التي ذكرت بها وفِي اي سُوَر، وسأترك لك أن تتجول بين المعاني الجميلة الرقيقه العذبة التي تحملها كلمات القرآن.
معني الشفاء ” وَيَشْف صدور قوم مؤمنين “ هل تحس بالراحة بعد قراءة هذه الكلمات وكأنها برد تنزل على قلبك؟
معني الألفة ” ونزعنا مافي صدورهم من غل”.
معني الهدايه ” يشرح صدره للإسلام” .
معني العلم والإحاطة ” قل ان تخفو ما في صدوركم او تبدوه يعلمه الله “، “وما تخفي صدورهم اكبر “، “حصرت صدورهم ” ، “عليم بذات الصدور”
معني البصيره “فإنها لا تعمي الابصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور “.
فإذا لجأت له عن طريق ملجأك السري “القرآن “ وجدته يحدثك أنت، نعم أنت العبد الضعيف المذنب الظالم لنفسه، أنت العبد الذليل الراجع إلى ربه، التائب من ذنبه، أنت بكل حسناتك وسيئاتك، أنت أنت بشخصيتك العجيبة وتركيبتك النادرة وتعقيدات نفسك التي تعجز عن حلها.
وجدته يحدثك بما يريح صدرك و يذهب همك و يقول لك لست وحدك أنا أفهمك، أنا أعلمك، أنا أقرب إليك من حبل الوريد، أنا لن أتركك، فإن أتيتني تمشي جئتك هرولة، لن تهزم وأنا نصيرك، لن تضل و أنا هاديك، لا تخف، لا تحزن، فقط أقبل ولا تدبر
فإن شغلتك نفسك و الدنيا ثم تذكرت فأقبلت من قريب فلن أبعدك بل أردك إلي ردا جميلا في كل مره ولا أمل.
يا الله هل تدرك عظمه الله وقربه منك في نفس الوقت، ما شعورك و أنت بصحبة أعظم خلق الله محمد صلي الله عليه وسلم، فما بال شعورك و أنت بصحبة الله العظيم.
One thought on “سرداب السعادة (٢)”